عكازة الذكرى.........(2)

و من الدكاكيين الاخرى ايضا...اتذكر دكان
عمنا الامين عباس...دكان الخليفة سيداحمد وابنه عثمان...دكان عمر عبدالله......
دكان عمنا حميدة.... وعمنا حميدة كان رجلا غاطسا فى الانصارية .....حتى اخمص قدميه
.....وفى زمان سابق لنا كان الناس يتجمعون حول دكانه وإبنه خليفة يقرأ لهم جرايد
ومنشورات حزب الامة.....كما كان عمنا حميدة ينظم الشعر وبارعا
فى شعر الهجاء وله حكايات مع عمنا الخليفه سيداحمد الحسن...كذلك اذكر دكان النور بابكر .... دكان الطاهر
محمداحمد..دكان الامين خلف الله...دكان احمد الشيخ (ومازلت اتذكر حادثة حريقه
نتيجة التماس كهربائ)... كانت هنالك ايضا دكاكيين اخرى تتفاوت فى انواع البضائع
وطرق العرض... منها...دكان الشيخ حاج على...دكان ابوخديجة.... و ابو خديجة هذا من
اهلنا بدار السلام و هو رجل ممعن فى السخرية...كثير النكات....دائما ما يرتدى
عراقى خفيف من الساكوبيس حتى تكاد ان تحسب اضلعه....وما زلت اذكر انه علق ذات مرة منتقدا
الاذاعة السودانية و قال (عندما يذهب العاملين فى الاذاعة الى السوق لشراء الخضار او يذهبون الى عزومة غداء ...يدوشوننا....باغنيات ام كلثوم...حتى
يعودوا) رحم الله ابو خديجة فقد كان رجلا بسيطا...و لطيفا.....ومن الدكاكيين التى
اذكرها ايضا ....دكان بابكر النور.... دكان الحاج بابكر....دكان مجذوب رحمة الله.....
دكان محمد ودعلى...دكان بابكر عبدالرحيم...دكان حاج احمد...دكان سيد خيرالله...و عمنا
رحمة الله ايضا اتذكره جيدا...فقد كان اختصاصى فى تجارة الحبوب ...ودائما ما كنت
اذكر حماره المكادى الاغبش والذى كان يربطه على عمود الكهرباء القابع امام الدكان مباشرة....وقد كان....دائما
ما يرسلنى ان اقطع له القش الاخضر من المدارس الابتدائية ..ليكون عليقة نهارية معتبرة
للحمار...فقد كان القش الاخضر حينها منتشرا
حتى داخل الشوارع العامة وفى حوش المدرسة الابتدائية...عمنا رحمه الله كان جعليا
صارما وحاسما ولايخلو من السخرية ودائم الاعتزاز بالنفس وبالقبيلة.....من اكثر
الدكاكين تميزا فى السوق ولايوجد له ثانى فى ذلك الوقت....كان دكان عمنا عبدالله
محمداحمد (ود الفكى)... كان من اكبر الدكاكين فى السوق ومتخصص فى مواد البناء والادوات الكهربائية وغيرهما
الكثير مما لا يحصى ولا يعد....وقد كان الناس يجدون عنده ما يشتهون ويطلبون....
الا لبن الطير....ولم يشبه دكانه هذا الا دكان عمنا اسماعيل الضل فى مكوار.... كان
هنالك ايضا بوفيه السكة حديد وقد كان يمثل عالم اخر من
البقالات الممعننه فى الحداثة....ونادرا ما ترتد منه خائبا ولم تجد مبتغاك فيه....حتى
الببسى كولا البدرة كان موجودا فيه...وحينها كنا نرتاد بوفيه السكة حديد لنشترى
منه الببسى كولا البدرة و نذوبه فى الماء ونرتوى منه حتى ينزلق من انوفنا.....كان
بوفيه المحطة يديره بحنكة فائقة رجل يدعى الشفيع فى نهاية الاربعينات من عمره
ممتلئ الجسم...يتجول داخل البوفيه كالنحلة ان لم يكن افضل منها...وهو من اهالى حوش
بانقا...ومن عجيب الامر ان الشفيع هذا رحل من سنار التقاطع من دون خبر ولا اثر ....الى
المجهول و دونما سابق انذار ومن غير رجعة.....ولعله لم يعرف حتى الان ان كان حيا
او ميتا....

قد عرف سوق سنار التقاطع ايضا التقليعات
الجديدة فى عالم التجارة....فقد وفدت اليه تجارة البوتيكات...ففى منتصف السبعينات
اتذكر ان المرحوم الشيخ محمد بابكر قد فتح بوتيك للملابس الجاهزة والعطور والساعات
وغيرهما...بطريقة عرض لم يعهدها الناس من قبل...فقد كان الشيخ رجلا عصاميا بمعنى
الكلمة فى عالم التجارة ...انطلق من طبلية صغيرة فى سنار التقاطع ...حتى انتقل الى
مكوار واشتغل بتجارة العطور.... حتى لقب بها واصبح فيما بعد من اساطينها...رحمه
الله فقد كان رجلا طيبا...بارا بأهله...كثير الذهاب للحجاز...واذكر جيدا اننى
قابلته فى اخريات ايامه فى حضرة شيخ التجانى المبشر بقرية دار السلام ...فقد كان
الشيخ التجانى يحبه كثيرا وله معه قصص واحاديث..فقد ترافقا معا فى فترات الحج عدة
مرات وقد حضرنا جزاء من ذكريتهما سويا فى ذلك اللقاء الرائع......

من الدكاكين التى كانت مألفوفة لنا وكنا نرتادها
بصورة شبه يومية تقريبا..كان دكان عمنا احمد حاج على (الحبشى) ...فقد كانت كبانية
التلفونات الخاصة بسنار التقاطع طوع بنانه وتحت امرته يفعل بها ما يشاء... يقال ان
عمنا الحبشى قد قضى جل حياته فى الحبشة..لذلك كنا نلحظ انه كان اكثر تمدنا حتى فى
لبسه و كان يختلف من الاخرين...فقد كان يلبس الشرابات مع الجلابية ...وكان لا
يشاركه فى هذا احد سوى عمنا السروجى احيانا...لعل هذا الاسلوب قد جلبه من تقاليد
الحبش...كنا نخاف منه جدا حينما يرسلوننا له بغرض فتح خطوط الكبانية لاجراء
المحادثات الهاتفية ...فقد كان رجلا صعبا نادرا ما يبتسم ..ولايحب تكرار الحديث
مرتين...نعم كانت سنار التقاطع تعرف التلفونات قبل ذلك العهد.....حتى فى المنازل.....وما زلت اتذكر ان تلفوننا فى
الدكان كان يحمل الرقم اربعة....

اكثر حدث شدنا ونحن صغار هو افتتاح حلوانى المانجلك
..وما ادراك ما حلوانى المانجلك ...انه مكان كانت تباع فيه الباسطة....و زجاجات
الحليب المثلج...فقد كنا نحب الباسطة حبا جما...ويستحيل للواحد منا ان يحلم بها
حتى فى المنام ...وكنت اتذوقها كل حين و حين ...عندما يعود بها ابى من مدينة مدنى
السنى......فقد كان يذهب لمدنى للتبضع وكان يحضرها لنا وبجانبها رغيف مدنى الشهير المدور الذى كان يسمى (العجل) وهو محلى
بالسسمسم.....(كانت البضائع حينها تجلب لسنار التقاطع مباشرة من الخرطوم او على
الاقل من وادمدنى). قبل افتتاح حلوانى المانجلك بعدة سنوات كانت الباسطة موجوده فى
السوق...وقد كان يصنعها ويبيعها عمنا عبد العزيز سندلوبه يساعده ابنه يس...فقد
كانت لديه طبلية كبيرة بجانب اكشاك المحطة...يرص فيها صوانى الباسطة والبسبوسة....والناس
ملتفون حولها كل مساء...لكن فجاءة اختفى عمنا عبدالعزيز واختفت معه باسطته وطعمها
البلدى....الا ان جاء من جديد حلوانى المانجلك واعلن مذاقها و طعمها اللذيذ مرة
اخرى....كان يدير حلوانى المانجلك اخونا الاكبر رحمه الله مصطفى الامين حاج احمد....ولعل الحلوانى كان
يمتلكه او يشارك فيه اخونا كمال موسى حاج يوسف....لا ادرى؟....فقد كان كمال مغتربا
فى ليبيا ولم نكن نراه كثيرا فى تلك الايام.....وقد كنت اعرف كمال من خلال مكتبته الراقية
التى تركها فى منزلهم...فقد قرأت اكثرها بعد ذلك....قد لا تفارق ذاكرتى صورة اخونا
المرحوم مصطفى وهو يجلس على كرسى من الخيزران امام منزلهم الحالى قبالة نقطة
البوليس...فقد كنا نراه عندما نعود من المدرسة على هذا الحال ...لعله كان يتابع
بناء منزلهم الحالى...لا اذكر؟...ولكن ما اذكره انٌ مصطفى كان يجمع منا شنط
المدرسة ويراجع كراستنا... الواحد تلو الاخر....وبثنى على من يثنى ممن اعجبه من
كراسات ويوعد صاحبه بالمنقة والموز عند عودته من الجنينة ....وقد كان رحمه الله
كثيرا ما يوفى بوعده هذا...احسن الله اليه فقد كان مصطفى الامين شابا لبق
الحديث,,مرحا..وانيقا....فقدناه مبكرا....

لك التحية مجدداً محمد عثمان ..
للسرد الرائع لما ما فاتنا من زكريات لمديتنا الساحره وللاسف استاذي محمد عثمان لم نعلم بسحرها الا بعد فوان الاوان او بالاصح بعد بعدنا عنها رغم ان بعادنا ليس بايدينا الظروف هي جبرتنا ان نبعد وفي كل زيارتنا لها نحن لكل مامضي من زكريات فيها منذ الطفوله ..

التحية لكل اهل سنار ولك حبيبنا واستاذنا محمد عثمان

» عكازة الذكرى.........
» عكازة الذكرى 3 .....لولومبا....هنقا....
» عكازة الذكرى 4 شيخنا ابو العلاء........
» عكازة الذكرى فن الغناء فى سنار التقاطع.............